فصل: قال الثعالبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الثعالبي:

وقوله تعالى: {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}.
قلتُ: قال الغَزَّالِيُّ في الجَوَاهر: النيةُ والعَمَلُ؛ بهما تمامُ العبادةِ، فالنِّيَّة أحد جُزْأيِ العبَادةِ، لكنها خير الجزأَيْن، ومعنى النيَّة إرادةُ وَجْه اللَّه سبحانه بالعَمَلِ، قال اللَّه تعالى: {وَلاَ تَطْرُدِ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بالغداة والعشي يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}، ومعنى إخلاصها تصفيةُ الباعِثِ عن الشوائِبِ، ثم قال الغَزَّالِيُّ: وإذا عرفْتَ فَضْل النية، وأنَّها تحلُّ حَدَقَةَ المقْصود، فاجتهد أنْ تستكثر مِنَ النِّيَّة في جميع أعمالِكَ؛ حتى تنوي بعملٍ واحدٍ نيَّاتٍ كثيرةً، فاجتهد ولو صَدَقَتْ رغبتُكَ، لَهُدِيتَ لطريقِ رشدك. انتهى. اهـ.

.قال الشنقيطي:

قوله تعالى: {وَلاَ تَطْرُدِ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بالغداة والعشي يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}.
نهى الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة نبيه صلى الله عليه وسلم عن طرد ضعفاء المسلمين وفقرائهم الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، وأمره في آية أخرى أن يصبر نفسه معهم، وأن لا تعدو عيناه عنهم إلى أهل الجاه والمنزلة في الدنيا، ونهاه عن إطاعة الكفرة في ذلك وهي قوله: {واصبر نَفْسَكَ مَعَ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُم بالغداة والعشي يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الحياة الدنيا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا واتبع هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28] كما أمره هنا بالسلام عليهم، وبشارتهم برحمة ربهم جل وعلا في قوله: {وَإِذَا جَاءَكَ الذين يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ على نَفْسِهِ الرحمة} [الأنعام: 54]، الآية، وبين في آيات أخر أن طرد ضعفاء المسلمين الذي طلبه كفار العرب من نبينا صلى الله عليه وسلم فنهاه الله عنه، طلبه أيضًا قوم نوح من نوح، فأبى كقوله تعالى عنه: {وَمَا أَنَاْ بِطَارِدِ الذين آمنوا} [هود: 29] الآية، وقوله: {وياقوم مَن يَنصُرُنِي مِنَ الله إِن طَرَدتُّهُمْ} [هود: 30] الآية، وقوله: {وَمَا أَنَاْ بِطَارِدِ المؤمنين} [الشعراء: 114]، وهذا من تشابه قلوب الكفار المذكور في قوله تعالى: {تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ} [البقرة: 118]، الآية. اهـ.

.قال في الأمثل:

مكافحة التّفكير الطّبقي:
في هذه الآية إِشارة إِلى واحد من احتجاجات المشركين، وهو أنّهم كانوا يريدون من النّبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يقرّ ببعض الإِمتيازات لطبقة الأغنياء ويفضلهم على طبقة الفقراء، إِذ كانوا يرون في جلوسهم مع الفقراء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منقصة لهم أي منقصة! مع أنّ الإِسلام كان قد جاء للقضاء على مثل هذه الإِمتيازات الزائفة الجوفاء، كانوا يصرون على هذا الطلب في طرد أُولئك عنه، غير أنّ القرآن ردّ هذا الطلب مستندًا إِلى أدلة حية، فيقول: {ولا تطرد الذين يدعون ربّهم بالغداوة والعشي يريدون وجهه}.
وممّا يلفت النظر أنّ القرآن لم يشر إِلى هؤلاء الأشخاص إِشارة خاصّة، بل اكتفى بصفتهم البارزة وهي أنّهم يذكرون الله صباح مساء، أي دائمًا، وانّ ذكرهم الله هذا ليس فيه رياء، بل هو لذات الله وحده، فهم يريدونه وحده ويبحثون عنه، وليس ثمّة إِمتياز اسمى من هذا.
يتبيّن من آيات قرآنية مختلفة أنّ هذا لم يكن أوّل طلب من نوعه يتقدم به هؤلاء المشركون الأغنياء المتكبرون إِلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بل لقد تكرر إِعتراضهم على النّبي بشأن اجتماع الفقراء حوله، ومطالبتهم إِياه بطردهم.
في الحقيقة كان هؤلاء يستندون في طلبهم ذاك إِلى سنة قديمة خاطئة تقيم المرء على أساس ثروته، وكانوا يعتقدون أنّ المعايير الطبقية القائمة على أساس الثروة يجب أن تبقى محفوظة، ويرفضون كل دعوة تستهدف إِلغاء هذه القيم والمعايير.
في سيرة النّبي نوح عليه السلام نرى أنّ أشراف زمانه كانوا يقولون له: {وما نراك اتّبعك إِلاّ الذين هم أراذلنا بادي الرأي} واعتبروا ذلك دليلا على بطلان رسالته.
إِنّ واحدًا من دلائل عظمة الإِسلام والقرآن، وعظمة مدرسة الأنبياء عمومًا، هو أنّها وقفت ثابتة لا تتزحزح في وجه أمثال هذه الطلبات، وراحت تحطم هذه الإِمتيازات الموهومة في كل المجتمعات التي تعتبر التمايز الطبقي مسألة ثابتة، لتعلن أنّ الفقر ليس نقصًا في أشخاص مثل سلمان وأبي ذر والخباب وبلال، كما أنّ الثروة ليست امتيازًا اجتماعيًا أو معنويًا لهؤلاء الأثرياء الفارغين المتحجرين المتكبرين.
ثمّ تقول الآية: إنّه ليس ثمّة ما يدعو إِلى إِبعاد هؤلاء المؤمنين عنك، لأنّ حسابهم ليس عليك، ولا حسابك عليهم: {ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء}، ولكنّك مع ذلك إِذا فعلت تكون ظالمًا: {فتطردهم فتكون من الظّالمين}.
يختلف المفسّرون في توضيح المقصود من الحساب هنا.
منهم من يقول: إِنّ المقصود هو حساب رزقهم، أي أنّهم وإِن كانوا فقراء فإِنّهم لا يثقلون عليك بشيء، لأن حساب رزقهم على الله، كما أنّك أنت أيضًا لا تحملهم ثقل معيشتك، إِذ ليس من حساب رزقك عليهم من شيء.
غير أنّ هذا الإِحتمال يبدو بعيدًا، لأن الظاهر أن القصد من الحساب هو حساب الأعمال، كما يقول كثير من المفسّرين، أمّا لماذا يقول الله أن حساب أعمالهم ليس عليك، مع أنّهم لم يبدر منهم أي عمل سيء يستوجب هذا القول؟ فالجواب: إِنّ المشركين كانوا يتهمون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الفقراء بالإِبتعاد عن الله بسبب فقرهم، زاعمين أنّهم لو كانت أعمالهم مقبولة عند الله لزمه الترفية والتوسعة عليهم في معيشتهم، بل كانوا يتهمونهم بأنّهم لم يؤمنوا إِلاّ لضمان معيشتهم والوصول إِلى لقمة العيش.
فيرد القرآن على ذلك مبينًا أنّنا حتى لو فرضنا أنّهم كذلك، فإن حسابهم على الله، مادام هؤلاء قد آمنوا وأصبحوا في صفوف المسلمين، فلا يجوز طردهم بأي ثمن، وبهذا يقف في وجه إِحتجاج أشراف قريش.
وشاهد هذا التّفسير ما جاء في حكاية النّبي نوح عليه السلام التي تشبه حكاية أشراف قريش، فأُولئك كانوا يقولون لنوح: {أنؤمن لك واتبعك الأرذلون} فيرد عليهم نوح قائلا: {وما علمي بما كانوا يعملون إِنّ حسابهم إِلاّ على ربّي لو تشعرون وما أنا بطارد المؤمنين}.
من هنا يجب على الأنبياء أن يتقبلوا كل امرئ يظهر الإِيمان بدون أي تمييز ومن أية طبقة كان فكيف بالمؤمنين الأطهار الذين لا يريدون إِلاّ وجه الله، وكل ذنبهم هو أنّهم فقراء صفر اليدين من الثروة، ولم يتلوثوا بالحياة الدنيئة لطبقة الأشراف!
امتياز كبير للإِسلام:
إِنّنا نعلم أنّ دائرة صلاحيات رجال الدين المسيحيين المعاصرين قد اتسعت اتساعًا مضحكًا بحيث إِنّهم أعطوا أنفسهم حق غفران الذنوب، فبإمكانهم طرد الأشخاص وتكفيرهم أو قبولهم لأتفه الأُمور.
إِلاّ أنّ القرآن، في هذه الآية وفي آيات أُخرى ينفي صراحة أن يكون لأحد الحقّ، بل ولا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نفسه في أن يطرد أحدًا أظهر إِيمانه ولم يفعل ما يوجب إِخراجه من الإِسلام، وأن غفران الذنوب والحساب بيد الله وحده، ولا يحق لأحد التدخل في هذا أبدًا.
والكلام هنا على الطرد الديني لا الطرد الحقوقي فلو كانت إِحدى المدارس وقفًا على طبقة خاصّة من الطلاب، وقبل أحدهم فيها لتوفر شروط القبول فيه، ثمّ فقد بعض تلك الشروط، فإن طرده وإِخراجه من تلك المدرسة لا مانع فيه، كذلك لو أنّ مدير مدرسة أُعطيت له صلاحيات معينة لغرض إِدارة شؤونها، فله كل الحقّ في الإِستفادة من تلك الصلاحيات لحفظ النظام ورعاية مصالح المدرسة (فما ورد في حديث صاحب تفسير المنار عند تفسيره الآية ممّا يخالف هذا المعنى ناشيء من الاشتباه بين الطرد الديني والطرد الحقوقي). اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (52)}.
هذه وصية له صلى الله عليه وسلم في باب الفقراء والمستضعفين، وذلك لما قَصَرُوا لسان المعارضة عن استدفاع ما كانوا بصدده من أمر إخلاء الرسول- صلوات الله عليه وسلامه- مجلسه منهم، وسكنوا متضرعين بقلوبهم بين يدي الله أرادَ أنْ يُبَيِّن له أَثرَ حُسْنِ الابتهال فتولَّى سبحانه خصيمتهم.
وقال: {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالغَدَاةِ وَالعَشِىِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}: لا تنظر يا محمد إلى خِرقتهم على ظاهرهم وانظر إلى حرقتهم في سرائرهم.
ويقال كانوا مستورين بحالتهم فشهرهم بأن أظهر قصتهم، ولولا أنه سبحانه قال: {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} فشهد لهم بالإرادة وإلا فمن يتجاسر أن يقول إن شخصًا مخلوقًا يريد الحق سبحانه؟
ويقال إذا كانت الإرادة لا تتعلق- في التحقيق- إلا بالحدوث، وحقيقة الصمدية متقدسة عن الاتصاف بالحدثان، فمن المعلوم أن هذه الإرادة ليست بمعنى المشيئة، ولا كاشتقاق أهل اللغة لها.
فيقال تكلم الناس في الإرادة: وأكثر تحقيقها أنها احتياج يحصل في القلوب يسلب القرار من العبد حتى يصل إلى الله؛ فصاحب الإرادة لا يهدأ ليلًا ولا نهارًا، ولا يجد من دون وصوله إليه سبحانه سكونًا ولا قرارًا، كما قال قائلهم:
ثم قطعتُ الليلَ في مَهْمَةٍ ** لا أسدًا أخشى ولا ذيبا

يغلبني شوقي فأطوي السُّرى ** ولم يَزَلْ ذو الشوق مغلوبا

ويقال تقيَّدت دعوتهم بالغداة والعشيّ لأنها من الأعمال الظاهرة، والأعمالُ الظاهرة مؤقتة، ودامت إرادتهم فاستغرقت جميع أوقاتهم لأنها من الأحوال الباطنة، والأحوال الباطنة مسرمدة غير مؤقتة، فقال: {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالغَدَاةِ وَالعَشِىِّ} ثم قال: {يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} أي مريدين وجهه فهي في موضع الحال.
ويقال أصبحوا ولا سؤال لهم من دنياهم، ولا مطالبة من عقباهم، ولا همَّ سوى حديث مولاهم، فلما تجردوا لله تمحضت عناية الحق لهم، فتولَّى حديثهم وقال: ولا تطردهم- يا محمد- ثم قال: ما عليك من حسابهم من شيء؛ فالفقير خفيف الظهر لا يكون منه على أحد كثير مؤنة؛ قال تعالى: {مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شيء وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شيء} لا تطالب بحسابهم ولا يطالبون بحسابك، بل كلٌّ يتولى الحقُّ سبحانه حسابَه؛ فإِن كان أمره خيرًا فهو ملاقيه، وإن كان شرًا فهو مقاسيه. اهـ.

.من فوائد ابن الجوزي في الآية:

قال رحمه الله:
قوله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم}.
روى سعد بن أبي وقاص قال: نزلت هذه الآية في ستة: فيّ، وفي ابن مسعود، وصهيب، وعمار، والمقداد، وبلال.
قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنا لا نرضى أن نكون أتباعا لهؤلاء، فاطردهم عنك، فدخل على رسول الله من ذلك ما شاء الله أن يدخل، فنزلت هذه الآية.
وقال خباب بن الأرتِّ: نزلت فينا، كنا ضعفاء عند النبي صلى الله عليه وسلم، يعلّمنا بالغداة والعشي ما ينفعنا، فجاء الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن، فقالا: إنا من أشراف قومنا، وإنا نكره أن يرونا معهم، فاطردهم، إذا جالسناك.
قال: «نعم».
فقالوا: لا نرضى حتى تكتب بيننا كتابًا، فأتُي بأديم ودواة، ودعا عليًا ليكتب، فلما أراد ذلك، ونحن قعود في ناحية، إذ نزل جبريل بقوله تعالى: {ولا تطرد الذين يدعون ربهم} إلى قوله: {فتنّا بعضهم ببعض}، فرمى بالصحيفة ودعانا، فأتيناه وهو يقول: {سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة}.
فدنونا منه يومئذ حتى وضعنا ركبنا على ركبته.
وقال ابن مسعود: مرّ الملأ من قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده خبَّاب، وصهيب، وبلال، وعمَّار، فقالوا: يا محمد، رضيتَ بهؤلاء، أتريد أن نكون تبعًا لهم؟! فنزلت {ولا تطرد الذين يدعون ربهم}.
وقال عكرمة: جاء عتبة، وشيبة ابنا ربيعة، ومطعم بن عدي، والحارث بن نوفل، في أشراف بني عبد مناف، إلى أبي طالب فقالوا: لو أن ابن أخيك يطرد عنه موالينا وعبيدنا كان أعظم في صدورنا، وأدنى لاتِّباعنا إياه، فأتاه أبو طالب فحدثه بذلك، فقال عمر بن الخطاب: لو فعلت ذلك حتى ننظر ما الذي يريدون، فنزلت هذه الآيات، فأقبل عمر يعتذر من مقالته.
وروى أبو صالح عن ابن عباس: أن هذه الآيات نزلت في الموالي، منهم بلال، وصهيب، وخبَّاب، وعمَّار، ومِهْجَعُ، وسلمان، وعامر ابن فهيرة، وسالم مولى أبي حذيفة، وأن قوله: {وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم} نزلت فيهم أيضا.
وقد روى العوفي عن ابن عباس: أن ناسًا من الأشراف قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: نؤمن لك، وإذا صلينا فأخِّر هؤلاء الذين معك، فليصلوا خلفنا.
فعلى هذا، إنما سألوه تأخيرهم عن الصف، وعلى الأقوال التي قبله، سألوه طردهم عن مجلسه.
قوله تعالى: {يدعون ربهم} في هذا الدعاء خمسة أقوال:
أحدها: أنه الصلاة المكتوبة، قاله ابن عمر، وابن عباس.
وقال مجاهد: هي الصلوات الخمس؛ وفي رواية عن مجاهد، وقتادة قالا: يعني صلاة الصبح والعصر.
وزعم مقاتل أن الصلاة يومئذ كانت ركعتين بالغداة، وركعتين بالعشي، ثم فرضت الصلوات الخمس بعد ذلك.
والثاني: أنه ذكر الله تعالى، قاله إبراهيم النخعي، وعنه كالقول الأول.
والثالث: أنه عبادة الله، قاله الضحاك.
والرابع: أنه تعلم القرآن غدوة وعشية، قاله أبو جعفر.
والخامس: أنه دعاء الله بالتوحيد، والإخلاص له، وعبادته، قاله الزجاج.
وقرأ الجمهور: {بالغداة} وقرأ ابن عامر هاهنا وفي (الكهف) أيضا: {بالغُدْوَةِ} بضم الغين وإسكان الدال وبعدها واو.
قال الفراء: والعرب لا تدخل الألف واللام على {الغدوة} لأنها معرفة بغير ألف ولام، ولا تضيفها العرب؛ يقولون: أتيتك غداة الخميس، ولا يقولون: غُدوة الخميس، فهذا دليل على أنها معرفة.